عقارب الساعة تقترب من السادسة مساءً بتوقيت بيروت، يوم الثلاثاء الموافق 17 سبتمبر الماضى؛ ليحدث الانفجار السيبرانى الأول من نوعه فى لبنان، التى عُرفت بـ'تفجيرات البيجر'
فاتورة الدم فى بلاد الأرز .. جبهات إنقاذ الأرواح فى مواجهة عدوان إسرائيل ب لبنان .. الجيش الأبيض وعناصر الإنقاذ يروون لـ"اليوم السابع" تفاصيل رحلة إغاثة الجرحى تحت القصف: نعمل بـ"اللحم الحى" ومازلنا فى الميدانـ مسعفون: حملنا الجرحى فوق الأكتاف وكنا نسابق الزمن لإنقاذهم.. والقصف مستمر فى الجنوب.. وعرقلة قوات الاحتلال ونقص المعدات أبرز التحدياتـ متطوعة مصابة ووالدها شهيد: على العالم أن يسمع صرختنا..
ـ الصليب الأحمر لـ"اليوم السابع": لدينا 18 جريحا..مازلنا نعمل بالجنوب..هناك 72 قرية لا نتمكن من الدخول إليهاـ مسئول بالدفاع المدنى لـ"اليوم السابع": واجهنا نقصا فى سيارات الإسعاف نتيجة قصفها والمعدات ـ مسئول بوزارة الصحة لـ"اليوم السابع": توفير طرق آمنة لنقل الجرحى أبرز التحديات التى واجهناها..الوزارة بصدد الانتهاء من إعداد خطة إعادة الإعمار وجارى حصر الخسائر
و"البيجر" هى أجهزة لاسلكية صغيرة كان يستخدمها عناصر "حزب الله" لإرسال واستقبال رسائل نصية قصيرة أو تنبيهات داخلية، حيث إنها أقل عُرضة للاختراق بعكس الهواتف المحمولة، ثم أعقبتها تفجيرات أجهزة "آى كوم" فى اليوم التالى. كان اغتيال نصر الله محطة فارقة فى مسار التصعيد الدامى فى لبنان؛ فبعد اغتياله اندلعت موجة عنيفة من الغارات الجوية والاستهدافات التى طالت أنحاء لبنان كافةً.
تحدثنا أيضاً إلى عدد من المصادر ذات الصلة، للوقوف على مزيد من تفاصيل تلك المرحلة وتحدياتها والخسائر التي خلفها العدوان، وأيضًا الأوضاع الحالية بالنسبة للكوادر الطبية والمستشفيات وخطط إعادة الإعمار في الفترة المقبلة، وغيرها من المحاور نطرحها تفصيلا فيينص القانون الدولى على تأمين الحماية العامة وخصوصاً للمواقع المدنية وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكولين الإضافيين الأول والثاني لاتفاقيتي جنيف لعام 1977 ولاهاي لعام 1954.
توضح الوزارة لـ"اليوم السابع" أن الأطقم الطبية وسيارات الإسعاف تعرضت لقصف عشوائى غير مسبوق في لبنان؛ ما ألحق خسائر كبيرة بالقطاع إضافة إلى عرقلة عملية نقل الجرحى أيضًا؛ فى انتهاك واضح لميثاق الأمم المتحدة الذى يجرم الاعتداء على الطواقم الطبية. مع اشتداد الغارات نزحت ابنة الدكتورة منى مع جدتها إلى الشمال وبقيت هي وحيدة بالجنوب تواصل أداء واجبها المهنى والإنسانى.
وتتابع: ضمن التحديات التي واجهتنا هى استيعاب أعداد الجرحى المتزايد، والتعامل مع الإصابات البالغة، خاصة الحروق بمادة الفسفور، وتأمين المحروقات اللازمة لتشغيل أجهزة المستشفى؛ فكنا نحتاج 10 آلاف ليتر مازوت كل 10 أيام، ساعدنا فى ذلك "الصليب الأحمر" ومنظمة الصحة العالمية، واضطررنا لتخفيض الاستهلاك من 4000 إلى 1000 لتر يوميًا.الإقامة فى المستشفى كانت خيار "سارة سلوم" أيضا، مسئولة طاقم التمريض فى أحد مستشفيات الجنوب اللبنانى..
تصف سارة تلك الأيام، فتقول "الكلمات لا يمكن أن تصف صعوبة تلك الأيام؛ فالعمل كان متواصلاً 24 ساعة داخل غرف العمليات، لا أرى بنتيّ إلا المساء، تعرضنا للقصف عدة مرات، مع كل غارة كنا نهرع نحو الجرحى أولًا للاطمئنان عليهم، ثم أنزل للطابق الأول للاطمئنان على بنتيّ؛ فأجدهما تبكيان فى حالة هلع؛ ورغم أننا كنا نتوقع الموت فى أى لحظة إلا لم أفكر فى النزوح، لقد كنت مسئولة عن 30 ممرضاً وممرضة وعلىَّ أن أشجعهم وأعطيهم الدعم، هذا تطلب منى التجلد أكثر.
تقول الدكتورة نيكول الإخصائية النفسية بلبنان، إن الطبيبات والممرضات بحكم عملهن ووجودهن في قلب الحدث وتعاملهن المباشر مع المصابين وتكرار مشاهد الاستشهاد أمام أعينهن، قد يصبن بصدمات عصبية عنيفة ونوبات هلع، وهلوسة سمعية وبصرية، وكل هذا يؤثر بالتأكيد على تعاملهن مع أطفالهن وعائلاتهن، فيصبحن غير قادرات على التعامل معهم بشكل طبيعي.
وأكد هارون، تمت مناشدة المجتمع الدولي أكثر مرة لاتخاذ التدابير اللازمة لوقف هذا العدوان وإبعاد القطاع الصحي والمستشفيات بكل طواقمها العاملة مع المرضى عن هذه الاعتداءات، تطبيقاً للقانون الدولي لكن دون جدوى. "لا يزال الوضع الأمني في لبنان غير مستقر رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار؛ ما يفرض مخاطر كبيرة على العاملين في المجال الإنساني، وتحديات في العمل الإنسانى، خاصة حرية الحركة في الجنوب اللبناني الذى لا يزال يشهد اضطراباً"، تقول "أطباء بلا حدود".
فِى واحدة من أعنف تلك الهجمات الوحشية، شن العدوان الإسرائيلي غارة على مركز بعلبك الإقليمي للدفاع المدنى فى بلدة دورس بمنطقة بعلبك شرقى لبنان، أودت بحياة 14 شهيدًا. للإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها، التقينا ـ هاتفيًا ـ عددًا من المتطوعات والمتطوعين الذين شاركوا فى عمليات إنقاذ ضحايا الغارات الجوية الإسرائيلية وإخماد النيران التى خلفتها تلك الغارات... الضاحية الجنوبية لبيروت؛ واحدة من المناطق الشاهدة على وحشية العدوان، وكان لها النصيب الأكبر من الغارات الجوية منذ اندلاع الاشتباكات فى الثامن من أكتوبر 2023؛ ثم التوغل البرى مطلع أكتوبر الماضى..
وتستكمل "كوثر"؛ حديثها قائلًة: كنا نعمل بـ"اللحم الحى"، بالطبع وقت القصف كان ينتابنى الخوف أحياناً؛ لكننى سريعًا ما كنت أتخلص من هذا الشعور، وأتذكر ثقة المستغيثين بنا وأن هناك أرواحاً عالقة تحت الأنقاض تنتظر أيادى تمتد لإخراجهم للحياة، وأحاول أيضًا أن أثبت أمام العالم أن للمرأة اللبنانية دورًا وطنيًا لا يقل عن دور الرجل.
مواقف لن تمحى من ذاكرة الحرب تسردها "كوثر"؛ فتقول: أقسى المواقف على نفسى، مشهد الأمهات وهن يبحثن عن أطفالهن العالقين تحت الأنقاض ويصرخن مستغيثات بِنَا لاستخراج أبنائهن وعيونهن تحمل الرجاء بِنَا كآخر أمل لهن؛ ولكن الأصعب أننا كنا نجد بعضهم أشلاءً، تلك اللحظات الأصعب فى حياتى؛ كيف يمكننى إبلاغ الأم بهذه الصدمة!
الآثار النفسية للحرب على المسعفين والإطفائيين والطواقم الطبية، تصفها الدكتورة نيكول هانى، إخصائية نفسية ببيروت لـ"اليوم السابع" بـ"العنيفة" الممتدة، وتختلف درجة عنفها وفق قوة ودرجة احتمال كل شخصية؛ حيث تتولد لدي هؤلاء مشاعر تتراوح بين الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، جراء المشاهد القاسية للأشلاء والجرحى والعالقين، كما تؤثر على اتزان الشخصية، إضافة للشعور بالذنب حال عدم القدرة على إنقاذ المستغيثين، إضافة إلى اضطرابات التركيز ونوبات الغضب.
يقول وليام: "كنا نسابق الزمن لإنقاذ الأرواح، وفى خضم ذلك نقصف بنيران العدوان". ويستطرد وليام قائلاً: "نواجه الموت كل لحظة دون أن نخشاه لأن هدفنا إنقاذ إخوتنا اللبنانيين الذين يسقطون ضحايا الغارات الغاشمة." يؤكد صالحانى، أنه رغم المخاطر إلا أن الإقبال من المتطوعين على تنفيذ مهام الإنقاذ كان كبيراً حتى بالأماكن شديدة الخطورة، وأوضح "صالحانى"، أن هناك 238 مركزاً فى مختلف أنحاء لبنان تضم 2427 موظفا و4423 متطوعا منهم 13% إناث، جميع المراكز كانت على قلب رجل واحد أثناء العدوان، وبلغ عدد العمليات التي نفذها الدفاع المدنى أثناء الحرب 4679 مهمة إطفاء و3534 مهمة إسعاف و585 مهمة إنقاذ، حيث تتنوع مهام عناصر الدفاع المدنى بين إخماد الحرائق الناجمة عن الغارات، وتقديم إسعافات أولية للجرحى ونقلهم إلى...
"حُرمت من رؤية ابنى منذ بدء التصعيد، كل ما كنت أحظى به اتصال أسمع صوته معاتباً لي: "أنت وحشتني يا بابا، خايف ما أشوفك تاني، أحبك كثيراً" وهذه الكلمات لم تفارق أذنىَّ طوال الوقت، يقول مخول.
وعن خطوات القيام بمهام الإنقاذ، يوضح مخول قائلاً: فور وصولنا لمنطقة الغارة نفرز المصابين لنعرف الحالات الحرجة والتى تحتاج لإنقاذ سريع، ونتواصل مع أقرب مستشفى لتأمين أماكن لها. يستطرد ألكسى، قائلاً: لدينا 5200 مسعف متطوع، 40% منهم إناث، وتشمل المهام الأساسية لهم إسعاف الجرحى، ونقلهم إلى المستشفيات والبحث عن العالقين، وإجلاء السكان بالمناطق المستهدفة ، نقل وحدات دم ومعدات طبية للمستشفيات، وإيصال الوجبات الغذائية للمحاصرين فى بلدات الجنوب مثل رميش والخيام كفركلا ، وما زلنا نقوم بتوزيع الحصص الغذائية على النازحين ، وننقل جثامين الشهداء إلى الثلاجات بالمستشفيات، إضافة إلى توفير عيادات صحية متنقلة فى الأماكن التى لا تزال بدون خدمات مثل بعض بلدات الجنوب، والبقاع ، والضاحية.
يستكمل "عبلا" حديثه، قائلا: "نُقلت إلى مستشفى النبطية الحكومى، حيث خضعت للعلاج مدة أسبوعين، لم أتعافَ تماما ولكن بمجرد تحسن حالتى قررت العودة مسرعًا إلى ميدان العمل، وما زلت أتلقى العلاج فهذه المادة تترك أثرا بالغا على الجلد" ويوضح "فقيه" لـ"اليوم السابع"، أن هناك 21 مركزا فرعيا تابعا للمركز الإقليمى تغطى مناطق حاصبيا ومرجعيون وبنت جبيل، يعمل بهم 450 عنصرا منهم 27 سيدة، سقط منهم 13 شهيدا و27 جريحا إضافة إلى 46 أصيبوا بحرائق قنابل الفسفور، و42 سيارة إسعاف وإطفاء تعرضت للتدمير إضافة لـ6 مراكز تدمرت بشكل كلى فى قضاء مرجعيون و6 آخرين فى بنت جبيل والنبطية.
تقول "لارا" وهى من سكان بعلبك بمحافظة البقاع شرق لبنان، وهى واحدة من المناطق التى تعرضت لغارات كثيفة، إن يوم 14 نوفمبر لم يكن كغيره من أيام الحرب، ففيه انقلبت حياتها رأسا على عقب، وفقدت أعز ما لديها فى هذه الحياة، والدها. تسرد تفاصيل ذلك اليوم قائلة: "بابا استشهد وأنا بكلمه على التليفون!".
حرب لبنان ضحايا حرب لبنان جنوب لبنان الضاحية الجنوبية الاحتلال الاسرائيلى
مصر أحدث الأخبار, مصر عناوين
Similar News:يمكنك أيضًا قراءة قصص إخبارية مشابهة لهذه التي قمنا بجمعها من مصادر إخبارية أخرى.
مفاوضات تحت القصف وآمال للتهدئة.. غدا في اليوم السابعينشر 'اليوم السابع' فى عدد غد من النسخة المطبوعة مجموعة من التغطيات الهامة على رأسها ' مفاوضات تحت القصف وآمال للتهدئة
اقرأ أكثر »
سعر اليورو اليوم الخمميس 28-11-2024 فى البنوك المصريةينشر اليوم السابع تطور سعر اليورو في البنوك المصرية اليوم الخميس 28-11-2024، أمام الجنيه المصرى بـ البنوك العاملة فى مصر، حيث سجل سعر اليورو في البنك المركزي المصري.
اقرأ أكثر »
نفاد الأوكسجين والمياه فى مشفى كمال عدوان بغزة جراء قصف الاحتلالأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة الجمعة نفاد الأكسجين والماء في مستشفى كمال عدوان شمالي القطاع نتيجة القصف الذي شنته الطائرات الإسرائيلية نحوه في الليلة الماضية.
اقرأ أكثر »
اتحاد الاسكواش يتسلم الاعتماد الرسمى للمجلس الجديد من وزارة الرياضةكشفت آمنة الطرابلسي، رئيس الاتحاد المصري للاسكواش، في تصريحات خاصة لـ 'اليوم السابع'
اقرأ أكثر »
اليوم السابع: الرئيس السيسى يتسلم رسالة من نظيره الكونغولى لتعزيز العلاقات الثنائيةفي عددها القادم، تنشر اليوم السابع تفاصيل حول الرئيس السيسى ورسالته للرئيس الكونغولى لتعزيز العلاقات بين البلدين، واستقباله لرئيس بريتيش بتروليوم، وتأكيد وزير الخارجية على أهمية انسحاب إسرائيل من محور فلادلفيا.
اقرأ أكثر »
30 شهيدا فى قصف الاحتلال الإسرائيلى محيط مستشفى كمال عدوان بغزةأفادت وسائل إعلام فلسطينية في خبر عاجل، منذ قليل، بسقوط أكثر من 30 شهيدا وعدد من الجرحى في قصف الاحتلال منازل بمحيط مستشفى كمال عدوان.
اقرأ أكثر »